لماذا نهتم بسؤال الدين

.

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال:

أنني أحيا حياة طبيعية هانئة وليس الدين جزءا منها، أذهب إلى عملي، وأحقق أرباحا سنوية توفر لي مصدرا من الدخل أحقق به إلى جانب تحقيقي لذاتي جزءا من الرفاهية والمتعة، والثقافة التي نشأت في أجوائها والمجتمع الذي تربيت به لا يولي للدين اهتماما كبيرا، فما هو الداعي لأن أجعل جزءا كبيرا من وقتي وحياتي في البحث عن صحة دين معين، مع وجود مشتركات إنسانية كبيرة يمكن أن يحدث من خلالها التعايش بين جميع البشر.

الجواب:

البحث عن إجابة عن سؤال المبدأ والمعاد، وما يتعلق به من بحث عن حقيقة الأديان، من الأسئلة التي شغلت أذهان البشر على مر التاريخ، باختلاف الأماكن والأزمة، وما من مجتمع بشري على مر تاريخ الجنس البشري إلا وسعى لتقديم إجابة عن هذا السؤال.

وعلى مستوى الأفراد يشغل هذا السؤال أذهاننا، ويخطر فيها في مراحل مبكرة من وجودنا، وربما فكر فيه البعض في مراحل الطفولة الأولى، وكثيرا ما رأينا أطفالا لم يتعلموا الكلام بعد يتساءلون عن كيفية بروزهم إلى عالم الوجود، فهذه إذن طبيعة بشرية بشهادة التاريخ والواقع والحس والوجدان الشخصي، وبالتالي فإن تجاهل الدين وتجاهل البحث عن طبيعته أمر غير طبيعي.

ومحاولة التغاضي عن البحث عن إجابة لهذه التساؤلات، أو التجاهل للتمسك بإجابات يراها الإنسان مقنعة له، والانشغال بدلا عن ذلك بالواقع المادي وما فيه من متع أو مشكلات أمر مخالف لهذه الطبيعة الراسخة في العقول والنفوس البشرية، فلا يمكن أن تكون الحياة طبيعية بعيدا عن التفكير والبحث أو الإيمان بإجابة عن هذا السؤال. فلا حياة طبيعية إذن بدون تفكير أو اقتناع بقضايا الدين وسؤال المبدأ والمعاد.

ولو سألنا إنسانا على متن طائرة أو قطار عن المكان الذي سيذهب إليه هذا القطار، فأفادنا بأنه (لا يكترث) ولا يهتم بالوجهة النهائية، إنما يهمه فقط راحة المقعد الذي يجلس عليه، وتفاصيل وجبة الغداء والمشروبات التي سيتناولها بعد قليل، فعدم اكتراثه وعدم اهتمامه ولا مبالاته هذه أمر مستهجن مستنكر غير مقبول عند كل العقلاء، مع أنها رحلة عابرة قصيرة ستستغرق من وقته ساعات، ومن عمره يومًا  أو بعض يوم على أقصى تقدير، فكيف بمن يتظاهر بأنه لا يهتم عن سؤال المبدأ والمصير بالنسبة لرحلة حياته كلها.

ومن المقبول عند العقلاء ألا يهتم الإنسان بالأشياء التي لا يترتب على تجاهلها بالكلية عواقب كبيرة، أو التي لا تمس حياته عموما ولا تتقاطع معها، أو التي تمس حياته وتتقاطع معها دون أن تترك أثرا كبيرا عليها، فكلما بعد التقاطع أو قل التأثير كان الاهتمام أقل، وكلما زاد التقاطع أو زاد التأثير كان الاهتمام أكثر، فحريق في حي مجاور لن يشغل اهتمام شخص بقدر اهتمامه بحريق في المبنى المجاور لمحل سكنه مباشرة، وحريق في المبنى المجاور لن يشغله بقدر انشغاله بحريق في بيته هو أو في غرفته أو في فراشه الذي ينام عليه، وقضية الدين وسؤال المبدأ والمعاد تترتب عليها عواقب وآثار كبيرة، وتمس حياة كل إنسان بصورة مباشرة، وتوثر فيها تأثيرا كبيرا، وهذا يجعل الانشغال بها والتفكير فيها من أولى الأولويات وأوجب الواجبات الإنسانية، وبالتالي فإن البحث فيها ضرورة ملحة لكل إنسان عاقل، وبالتالي فعدم البحث وكتم تساؤلات العقل في هذا المجال أمر مخالف للطبيعة البشرية، وهو أمر مستهجن غير مقبول ولا عقلاني.

فمن ناحية العاقبة المترتبة على البحث في قضايا الدين نجد كل الأديان تقدم وعودا بحياة أفضل للفرد والمجتمع، وتقدم كذلك تفسيرا للعاقبة بعد الموت، ومهما كان موقف الإنسان من الأديان فإنه محتاج لفحص ما تقدمه من أدلة وبراهين وحجج قبل اتخاذ موقف تجاهها، فمن يخبر بوجود طريق أفضل للسير أو يخبر بحفرة في نهاية الطريق الذي يسير فيه الناس لن يتجاهله العقلاء قبل فحص أقواله هذه، والتأكد من مصداقيتها والتحقق من صحتها، أما تجاهله وإكمال السير بلا مبالاة به فليس من أفعال العقلاء. فكيف بمن يقدم نظاما أفضل للحياة وتفصيلا للمصير بعد الموت، لا شك أن الاهتمام به سيكون أولى من الاهتمام بالمخبر بالطريق الأفضل أو المنذر بالحفرة في نهاية الطريق، سواء كانت نتيجة الاهتمام هي القبول أم الرفض.

ومن ناحية شخصية يحتاج الإنسان في مواجهة تحديات حياته اليومية إلى استناد على قوة عليا، يعلم أنه تتحكم في مصيره وتحفه بأنواع اللطف والإكرام، فتحميه من المخاطر وتعينه عند الشدائد العثرات، فإن لم يؤمن بهذه القوة فإنه يحتاج لمعنى من المعاني السامية يفسر له وجوده في هذه الحياة، ويستمد منه كذلك القوة في مواجهة تحديات الحياة، ويفسر وفقًا لهذا المعنى كل ما يواجهه ويراه من خلال هذا المعنى، فالمؤمن بوجود الخالق يتعايش وفقا لإرشادات الخالق وشريعته، وغير المؤمن بالخالق يعيش حياته لتحقيق ذاته أو إنسانيته أيًّا كان المعنى الذي يستند عليه، وكلاهما قد حصل على إجابة بنى عليها رؤيته الكونية التي تفسر حياته ووجوده، أما من لا يهتم كما يزعم فإنه يحتاج للانتقال من كوكب الأرض إلى مكان آخر ليس فيه ألم ولا فقر ولا مرض ولا موت يحوجه للاستناد على الخالق أو البحث عن معنى لوجوده.

وأكبر تجليات هذه الحاجة ما نشعر به وما نفكر فيه عند لحظات فراق من نحبهم بالموت، فنعزي أنفسنا بانتقالهم إلى رب رحيم يجازيهم ويثيبهم على كل خير فعلوه، أو يعزي غير المؤمنين أنفسهم بأن أعزائهم وأحبابهم هؤلاء قد حققوا الغاية من وجودهم ووصلوا إلى خاتمة المطاف، وكلاهما يشترك في وجود إجابة عن سؤال المعاد يعينه على تقبل فكرة موت المقربين منه، أما من لا يهتم بسؤال الدين والمبدأ والمعاد فإنه بحاجة إلى عالم يخلو من هذا الموت الذي يدفعه للتفكير في مصير من يفارقهم بعد الموت، أو في تجاوزه هو شخصيًّا لفكرة فراقهم.

يقول تعالى:  وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)، فهذه الآيات توضح للمؤمن أنه معرض للآلام النفسية وأكبرها الخوف، والآلام الجسدية وأعظمها الجوع، والشدائد في الحياة ومنها فقد المال وموت الأحباء، ويبشرهم بالثواب عند الصبر ويفسر لهم أن ما يواجههم منها هو ابتلاء وامتحان لإيمانهم وترقية لدرجاتهم وسببا لثوابهم، واستحضار هذه المعاني في نفس المؤمن سبب لسكون نفسه وصبره، أما غير المؤمن فإنه يفتش عن معان بديلة يستمد منها الصبر، ولا يمكن التغاضي والتجاهل عن تقديم ملجأ يسكن إليه من يواجه تقلبات الحياة.

والإنسان كذلك كائن اجتماعي لا يعيش معزولا عن باقي البشر في جزر مفصولة، يجد فيها قوته بجمع الثمار من الأشجار والماء من الأنهار، فلا يحتاج بالتالي إلى قانون ينظم تعامله مع الآخرين، ويحدد حقوقه عند الآخرين وواجباته عليهم في مقابل هذه الحقوق، وتحقيق الأرباح هو نتيجة مباشرة للدخول في تعاملات مباشرة مع الآخرين، وأرباحه التي يجنيها منهم هي حقوقه التي استحقها نتيجة لواجباته التي قدمها لهم، ولا بد من نظام قانوني يحكم هذه التعاملات ويكون مرجعا لحل الخلافات وتقريب وجهات النظر، وأي نظام قانوني يبنى على تصور ورؤية كونية، وبالتالي فهو مبني على البحث عن سؤال المبدأ والمعاد والبحث كذلك عن حقيقة الدين،  فما دام الإنسان جزءا من مجتمع فهو متأثر وإن لم يرد ولم يرض بقضايا الدين والإيمان.

أما التمتع بمباهج الحياة ولذاتها فلا يكون إلا بعد تحديد معيار الخير والشر، وبعد تعيين مقياس للمباح والمحظور من ملذات الحياة، فليس كل متاح مباح ، فإن رغبت نفس الإنسان في شيء ومالت له سعى لتوفيره ما دام مباحا وفقا لقانونه الأخلاقي الذي رضيه لنفسه، وإلا منع نفسه وصدها عن الاقتراب منه مهما كان ميلها إليها قويا؛ لأنه يتعارض مع قانونه الأخلاقي، فالمتعة لا تكون متعة حقيقية إلا اذا لم يعقبها تأنيب الضمير.

ومن الضروري ذلك ضبط الميول الفردية التي تضر بالآخرين وتؤذيهم لحفظ نظام المجتمع الإنساني، ولا يكفي القانون وحده كرادع أخلاقي، فما دام الإنسان بعيدا عن كشف أمره ووصول العقوبة إليه فلا رقيب على أفعاله غير رؤيته الكونية الإيمانية وقانونه الأخلاقي، ولا شيء غير مرجعيته الأخلاقية يمنعه من أذية الآخرين إذا مالت نفسه لذلك وتوفرت عنده القدرة على ذلك، فالذي يمنع الإنسان من قتل من يكرههم مثلا وأخذ كل ما يعجبه من أيدي الآخرين قهرا هو قانونه الأخلاقي المستمد من إيمانه إن كان مؤمنا أو قانونه الأخلاقي الإنساني إن كان غير ذلك، وكلا الأمرين مبني على البحث في قضايا الدين وسؤال المبدأ والمعاد، مع ملاحظة أن القانون نفسه مبني على رؤية كونية مستمدة من البحث عن قضايا الدين.

ولا نستطيع كذلك تربية الأطفال وتنشئتهم على ما نراه ساميا من الأخلاق وإبعادهم عما نراه سيئا منها بدون الرجوع إلى مرجيعة تفسر هذه الأخلاق وتصفها بالخير والشر، أما عدم الإهتمام بالإجابة أو التركيز على الأرباح والمتع المتاحة فلا سبيل ﻷن يغرس أخلاقا وقيما في نفوسهم.

وإشباع الجانب الروحي من النفس ركن مهم في تحقيق الرفاهية واكتمال الاستمتاع بأي شيء، فلا رفاهية ولا متعة في الحياة إذا تجاهلنا الجانب الروحي، بل إن المتعة الروحية التي يجدها من يعتنقون مبدأ روحيا بغض النظر عن ماهية هذا المبدأ أكبر بمراحل من المتع المادية. والأساس في المتع الروحية هو الإجابة عن سؤال المبدأ والمعاد والبحث عن حقيقة الدين، فحتى لو كان الحصول على المتعة هو الغاية التي يسعى لها من يقول عن نفسه أنه لا يهتم بقضايا الدين فإنه يحرم نفسه من المتع الأعظم والأرقى وينشغل بالمتع الأقل والأدنى.

ولا بد من التفريق بين المجتمعات أو الأفراد الذين لا يهتمون بشرائع الأديان وتطبيقها في حياتهم، وبين القول بأنهم لا يهتمون بأصل السؤال عن حقيقة الدين وتقديم إجابة عليه، فالذي يخالف القوانين والأنظمة لا ينكر وجودها ولا يتجاهلها، ولا يتظاهر كذلك بعدم اهتمامه بها، فهو موقن لوجودها وإن خالفها وكسرها، وبالتالي فلا وجود لمجتمعات تتجاهل سؤال الدين من أصله، كل ما في الأمر أنهم لا ينقلون درجة المعرفة إلى درجة التفاعل والتطبيق العملي لمقتضيات هذه المعرفة، ومع استبعادهم لجانب الشرائع في سلوكهم اليومي نجدهم لا يقدرون على استبعاد الجانب الروحي من حياتهم ولا استلهام القوة والمدد من رؤيتهم الكونية لتجاوز المحن والابتلاءات كما سبق.

ومن يتبنون دعوة عدم الإهتمام بالدين والانشغال بتفاصيل الحياة اليومية لا يرضون بسلب حقوقهم السياسية مثلا ومنعهم من المشاركة في التصويب لاختيار من يمثلهم في مؤسسات الدولة، ويرون ذلك انتقاصا من قيمتهم وانسانيتهم، ومهما كان نصيب الإنسان من الدنيا كبيرا ورصيده في البنك ضخما وأرباحه متزادية متنامية، فكلها لا تسوغ له تجاهل التصويت في صناديق الاقتراع ومشاركته في اختيار النظام السياسي الذي يحكم مجتمعه ويؤثر في حياته تبعا لذلك، ولا شك في أن الأثر الدين أكبر من الأثر السياسي في حياته الفردية والمجتمعية، فاهتمامه بقضايا الدين أولى من اهتمامه بقضايا السياسة.

أما المشتركات الإنسانية فلا يمكن أن تكون أساسا للتعايش بين البشر، فهي في غالبها معان مبهمة لا حدود لها بحيث تكون مشتركة بينهم، فالحرية والعدالة والمساواة كمفاهيم أمور يقبلها كل الناس ويؤمنون بها، لكن تعريف هذه المفاهيم وتحديدها أمر آخر، فشرح مفهوم الحرية في مجتمع يختلف عن شرح مفهومها في مجتمع آخر، وكذلك العدالة وكذلك المساواة، وكل الاختلافات بين البشر لم تكن في قبول هذه المشتركات الإنسانية إنما كانت في تحديد معانيها، فلم يوجد في تاريخ البشرية نظام دعا للظلم كبديل للعدالة، كل ما في الأمر أنهم وضعوا تعريفا للعدالة وللظلم يختلف عن تعريف العدالة والظلم عند الآخرين، وسار وفقا للتعريف الذي صاغه وهو يرى نفسه محققا للعدالة مجانبا للظلم، وكل مفسد في الأرض يرى نفسه من المصلحين.

وكذلك العفة والطهارة من المبادئ المشتركة بين البشر، لكن تحديد معالم العفة والطهارة أمر يحصل فيه الاختلاف بين الناس، فما يعد في مجتمع مغلق كسرا لحدود العفة والطهارة يعد في مجتمع مفتوح ممارسة للحرية الشخصية، وما يعد صونا للعفة والطهارة في مجتمع مغلق يعد في مجتمع مفتوح انتهاكا للحرية الشخصية، وكلا المجتمعين يرفع شعار الحرية والعفة والطهارة ويرى تصوره لهذه المعاني هو الصواب، فلا بد إذن من وجود مرجيعة تحدد معاني هذه المصطلحات، وهذه المرجعية تبدأ بإجابة عن سؤال الدين وما يتعلق به.

 وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الطريقة في التفكير في أكثر من آية، مبينا أوجه القصور والخلل فيها، ومن ذلك ما ورد في سروة الروم،  (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (8) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ (10) اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) )

 فالذين يتجاهلون سؤال الدين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا أما حقيقتها فلا علم لهم بها، ولو نظر هؤلاء في أنفسهم وفي الكون المحيط بهم من السماء والأرض لظهرت لهم الآيات القاطعة الدالة على الحق، وإن كان الاهتمام بالدنيا ومتعها هو الهدف من الحياة فكيف نفسر انهيار الحضارات السابقة وذهاب الأمم الغابرة، رغم أنهم تفوقوا على غيرهم ومع ذلك ذهبوا وزال أثرهم، وقد رأوا الآيات الكونية وتمت الحجة عليهم بإرسال الأنبياء والرسل منبهين على هذه الآيات الكونية، ومع ذلك تجاهلوها، فاستحقوا المصير المترتب على هذه التجاهل، وهذا من أشد أنواع الظلم للنفس.

قم بتقييم المحتوي